"كنت مهملاً ومستهتراً بدروسي... ونجاحي أبكى والدي"
محمد حماقي: عمرو دياب قدوة لجيلنا... لكن أريد أن أكون أنا!
عيناه تسطعان وفاء ونظرته تروي حكايات جهاد الماضي وطموح المستقبل وأحلام تحقق منها الكثير وتعكس طيبته وإنسانيته وحبه الكبير للناس وصلابته وذكاءه. "ناويها"، عنوان غريب لألبوم محمد حماقي الجديد، إن فتحت كتيّب غلافه تطالعك جملة تتضمن شكراً خاصاً جداً: "إلى أبي وأمي". وهو فعلاً من الغرابة في مكان، أننا لم نعد في هذا الزمان نشهد "الحب والوفاء" من "ضي العين"، أي من الولد تجاه أهله، خصوصاً وهو في عز الشهرة وفوضى الشباب إذا صح التعبير.
لا نبالغ إن قلنا إن هذا الشكر الخاص كان الحافز الذي حثنا لطلب لقاء خاص مع محمد حماقي تفردت "Star" بنشره وهذه تفاصيله.
زيارتك إلى لبنان لإطلاق ألبومك الجديد "ناويها" قصيرة جداً...
أجل، في الواقع أستعد للسفر إلى الأردن لملاقاة والديّ اللذين سبقاني إلى هناك من أجل التمتع سوياً بإجازة خاصة.
حياة الفنان غريبة وشبيهة بحياة "السندباد"!
صحيح، إنه كالرحالة.
هل يزعجك هذا الأمر أم أنه مصدر متعة؟
لا، متعة طبعاً، خصوصاً إذا كنت متيماً بحب عملك، حينها تغادر الوطن بكل سرور.
هل أنت وحيد أهلك؟
لا، لي أخ أكبر مني، ولكن إن كنت تسأل ذلك لأنني متعلق بأهلي، فهذا لأنهما أهم شيء في حياتي بكل صراحة.
هل تعتقد أنه حين تتزوج سوف تسرق الزوجة العاطفة التي كانت لفترة طويلة تعود إلى الأب والأم؟
لا، إنها عاطفة من نوع آخر، والرجل حينها يوزع مشاعره تجاه زوجته وأولاده.
لاحظنا أن شكراً خاصاً لأبيك وامك دُوّن على غلاف الألبوم وهذا نادراً ما يحصل؟
أدوّن هذا الشكر في كل ألبوم.
ماذا سيحصل حين تتزوج، هل ستلغي هذه العبارة؟
"ده مش ممكن"، لأن لهما فضلاً كبيراً عليّ وعلى الذي حققته حتى الآن.
لكي تعترف بهذا الفضل، فلا شك أن علاقة قوية ومتينة ومختلفة عن علاقة الأهل بالأولاد والشباب تربط في ما بينكم؟
هذه العلاقة الخاصة التي تتحدث عنها هي فعلاً حصلت لا بسبب دورهما العظيم في تربيتي والاهتمام بي بشكل مختلف، وإنما بسبب علاقتهما السامية التي تربط في ما بينهما، إذ منذ طفولتي وانا أشهد الاحترام والمعاملة الراقية التي تجمعهما، وهذا ما انعكس إيجاباً عليّ بشكل خاص.
إذاً كانا القدوة بالنسبة إليك، والتي من خلالها كسبت صفات سامية كالاحترام والحب؟
حين يكون مناخ البيت سليماً منذ الطفولة ويزرع الأهل الحب في قلوب أطفالهم، يمسي الرابط العائلي متيناً جداً، وهذا ما حصل معي ومع أخي طارق بعلاقتنا مع الأهل، فأنا لا أقوم بأي عمل إلا وأضع نصب عينيّ صورتهما في ذهني لكي أتذكر دائماً أنه لا ينبغي الاستهتار بأي شيء حتى لا أسيء إليهما جراء ذلك ويسمعان عني "كلام وِحِش"، حتى ولو كانت أغنية دون المستوى، فلا يلومهما أحد عليها، وهذا كله لأنني أخاف عليهما وعلى مشاعرهما.
أنت ترى أن كل ما قد يسيء إلى سمعتك يسيء مباشرة إلى سمعة والديك، ولهذا تحاول قدر المستطاع الحفاظ على نظافة حياتك واسمك؟
طبعاً ومن دون شك، لأنهما يستأهلان كل أمر جيد وكل "حاجة كويسة".
لا شك في أن الشاب يمر خلال مرحلة المراهقة بمشاحنات، خصوصاً مع الوالد؟
طبعاً، حصلت.
ما كانت أسوأ الخلافات الكبيرة التي خلقت مشكلة بينك وبينه؟
كنا نختلف دائماً على "المذاكرة" ولا أسمع منه سوى الملامة:
"ما بتذاكرش ليه؟"
"والله لازم أخرج مع اصحابي".
"لا مش حتخرج، لازم تذاكر".
الآن عرفت أن إلحاحه ذلك كان نابعاً من خوفه عليّ.
لكنك تعصى الأوامر في النهاية؟
طبعاً، كنت أرغب في لعب الكرة والخروج مع الأصحاب... هذا طبيعي ويحصل. إنما بعدما نضجت، بدأت أفهم أنه لم يكن لجوجاً معي ليضايقني كما كنت أظن، بل لكي أنجح في حياتي... وحينها ندمت على كل مرة كنت أعترض فيها على أوامره وطلباته "واعمل مواقف مش ظريفة وأزعّق وأتأفأف".
أخبرنا عن أحد المواقف التي أحزنت والدك؟
كان والدي يغضب من الإهمال، وهذه صفة لازمتني طويلاً لأنني كنت مستهتراً بدروسي ولكن لم تكن يوماً بسبب مشاكل أخلاقية أو انه اعتراض على شخصيتي أو سلوكي، ولم يطلب مني أبداً أن أغير شيئاً منها والحمد لله. قضايا الدراسة غالباً ما كانت هي سبب مشاكلنا.
هل كان يطلب منك أن تتجه إلى اختصاص جامعي لم تكن تحبه؟
لا على العكس، بل كان متفهماً جداً حين عرضت مخططي أمامه ورغبتي في الدراسة في كلية التربية الموسيقية بعد الثانوية العامة. وهو بدوره عرض فكرته أمامي لمرة واحدة حين طلب مني الانتساب إلى كلية عادية التي تتوفر فيها اختصاصات عديدة كالحقوق أو التجارة، وفي ساعات الفراغ أدرس الموسيقى. أجبته حينها أنه لا ضرورة لأن يشغل نفسه في موضوع المستقبل المهني، لأنه ما من شاب جامعي اشتغل بشهادته بسبب عدم توفر فرص عمل في شتى المجالات. بالنسبة إليّ، الموسيقى كانت كل حياتي ولا رغبة لي في دراسة أي شيء آخر.
ألازمتك هذه الهواية منذ الصغر؟
العزف والغناء كانا بمثابة اللعب بالنسبة إليّ، لدرجة أنني كنت أعزف أي أغنية أسمعها بالفطرة.
في أي سن تمكنت من ذلك؟
لم أكن أملك آلة الأورغ، لكن كنت أزور أصدقائي الذين كانوا يملكون واحدة ولا يعرفون كيف يعزفون عليها.
هل تسنى لك العزف أمام الناس في طفولتك؟
غنيت في حفلات المدرسة وعيد الطفولة وعيد الأم.
هل تلقيت دعماً من الأهل؟
تابع والدي أخبار تقدمي في الفن ولكني لم أحتج له مادياً.
هل استطعت أن تجد منتجاً منذ البداية؟
لا طبعاً، بعد فترة طويلة، وتحديداً بعد 6 سنوات من المحاولات المتكررة. وبعد 7 سنوات من الجهاد، وُلد الألبوم الأول "البكر" إذا صح التعبير ونجح وكسّر الدنيا وحينها تلقى والدي العديد من اتصالات التهنئة وباركوا له نجاحي، فاستغرب الأمر وبات يسمع أغانيّ في "كل حته" ولمس حب الناس لي في حفلاتي وقرأ عني في الصحف... وبعد فترة، جلس بقربي قائلاً: "أنا بكيت مش بسبب نجاحك، ولكن بسبب فرحتي لأنك كنت فاهم من انت وصغير، وعارف انت حتروح فين وحققت رغبتك"!
في تلك الفترة شهدت مصر فورة فنية وكنت داخلاً على وسط يحمل العديد من الأسماء البارزة ألم تفكر في المنافسة، ألم تخف من أنك لن تصل يوماً لشهرتهم مثلاً؟
أنا مؤمن جداً بأن كل "حاجة كبيرة" لها بداية، وكل عمارة طويلة كانت مجرد أساس وكنت مقتنعاً بأن خطوتي الأولى ستكون بمثابة أساس لعمارة نجاحي وشهرتي ولم أكن أفكر بتاتاً في منافسة أحد بل إثبات وجودي في البداية. ولكن شاءت العناية الإلهية أن أدخل صف المنافسة من العمل الأول، فوُضع اسمي في ترتيب المنافسة مع الأسماء الكبيرة جداً.
أكان هذا الإنجاز من عمل الصحافة؟
عمل الصحافة والناس أيضاً.
وحتى اليوم ما زلنا نقرأ في الصحف والمجلات أخبار تلك المنافسة، كالخبر الذي نشر أخيراً ومفاده أن شركة "روتانا" محتارة في أمرها إن كانت توقع عقداً مع عمرو دياب أو مع حماقي، وهذا يعني أنك "قصة كبيرة".
منذ حداثتي كنت أسمع بعمرو دياب وأحب أغانيه وأرددها وأعلق "بوستر" صورته على حائط غرفتي. أما بالنسبة إلى توقيع العقود وما يُحكى، فأنا سعيد جداً بتعاوني مع الدكتور ناصيف كوزمان وشركة "صوت الدلتا"، وهي الشركة التي بدأ عمرو دياب مشواره الفني معها، إذ استمر هذا التعاون 14 سنة وأثمر عنه أجمل الأعمال مثل:
"عودوني"، "ميال"، "شوّقنا" و"ما تخافيش وغيرها
هذا يعني أن عمرو دياب كان قدوتك؟
إنه قدوة لجيلنا كله، كما هو محمد منير أيضاً الذي أراه مميزاً جداً.
لكنك لم ترغب في أن تكون مثل محمد منير؟
"لا خالص، مش ضروري أبداً، أنا مش عايز أبقى محمد منير، بل محمد حماقي وعايز مكانة ما حدش أخدها وتكون جديدة بنوعها".
يبدو أنك بدأت بتحقيق ذلك وقد حصلت على جائزة الـ Murexd’Or هذا العام، هل تحلم بالـ Music Award؟
سعدت جداً بهذه الجائزة، لأنها أقله بعيدة عن الشبهات، ولقب "أفضل مطرب شاب عربي" كان بمثابة وسام على صدري، مع انني لا أسعى إلى كسب الجوائز بل حب الناس.
باسم مجلة "Star" نبارك لك الألبوم الجديد "ناويها"، وأنا شخصياً أرى ان هذا العام هو عام محمد حماقي، لأنك أيضاً تستعد لتصوير فيلم بعد توقيعك على العقد؟
سبق أن عرض عليّ العديد من سيناريوهات الأفلام السينمائية، إنما لم أكن في وارد التمثيل بعد، لأني كنت أريد أن أثبت نفسي كمطرب أولاً، إنما فكرة الفيلم جذبتني للتمثيل، خصوصاً أنه فيلم مختلف جداً عن سابقيه لناحية النوعية. فهو فيلم رومانسي جداً ومن بطولتي ومنى زكي ومن إنتاج شركة إسعاد يونس.